سماسرة الانتخابات






2010/11/09

دراسة أمنية تكشف أسعار فرق البلطجة من السيدات والرجال والدفع مقدما وبشروط !!

القاهرة - العرب اليوم - فتحي خطاب

مع بدء معركة الدعاية الانتخابية, يترقب الشارع المصري إجراء الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها يوم 28 تشرين ثاني الجاري, والتي ستسفر عن اختيار أعضاء مجلس الشعب للخمس سنوات القادمة, وهو المجلس المنوط به التمهيد لانتخابات الرئاسة,التي بدا واضحا أن الرئيس مبارك سيخوضها مرشحا عن الحزب الوطني, فيما لم تتفق قوى المعارضة على دعم مرشح بعينه لخوض الانتخابات الرئاسية في ظل إعلان المرشح المحتمل الدكتور محمد البرادعي عدم خوضه إياها قبل وضع ضمانات لنزاهتها وفي المقدمة منها القبول بالإشراف الدولي عليها..

ورغم ارتفاع الأصوات المطالبة برقابة دولية على الانتخابات التشريعية, إلا أن هناك تباينا واضحا في مواقف أحزاب وقوى المعارضة تجاه هذا المطلب, فجماعة الإخوان المسلمين وحزب الغد وحركة كفاية ومعهم عدد من المنظمات البارزة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان يطالبون بها, وفي المقابل فإن حزبي الوفد والناصري يرفضانها, ويضع حزب التجمع التقدمي شرطا للقبول بها بأن تكون تحت مظلة الأمم المتحدة.. وترى العديد من قوى المعارضة الداعمة لطلب الرقابة على الانتخابات,أن ممارسة الحزب الوطني بتزوير الانتخابات لصالح مرشحيه,وقمعه لمرشحي المعارضة, يستدعي وجود رقابة دولية على الانتخابات, فيما يتمسك الحزب الوطني الحاكم برفض أي مطالبات برقابة دولية, ويرفع في مواجهة معارضيه شعارا مفاده أن الرقابة الدولية على الانتخابات تمثل انتهاكا لسيادة الدولة.. ويرى الدكتور زكريا عزمي القيادي البارز بالحزب الحاكم ورئيس ديوان رئاسة الجمهورية,أن المجتمع المدني المحلي قوي وقادر على رقابة الانتخابات وحمايتها.. فيما يفسر القيادي بالحزب الدكتور محمد كمال رفض حزبه القبول بتلك الرقابة, ب¯عدم معرفة أجندة الأجنبي القادم ومصالحه, إضافة إلى أن الأمر يحتاج إلى عشرات الآلاف من الأجانب لمراقبة اللجان, فضلا عن عدم المعرفة بثقافة الأعراف الانتخابية بمصر !! وكان الاتحاد الأوروبي قد طلب من الحكومة المصرية السماح بإيفاد مجموعة من المراقبين التابعين له لمراقبة الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة, وهو الطلب الذي رفضته الحكومة, مع رفض أي شكل من أشكال الرقابة الدولية على الانتخابات!!

والرقابة المحلية من منظمات المجتمع المدني هي رقابة مدفوعة الأجر, وحيث تشهد منظمات المجتمع المدني حالة من الانتعاش التمويلي النسبي خلال انتخابات مجلس الشعب, حيث تبدأ في تنفيذ المشاريع المتعلقة بعملية المراقبة على العملية الانتخابية بتمويلات أمريكية وأوروبية.. ومن ناحيته قال شادي طلعت المحامي ورئيس منظمة اتحاد المحامين للدراسات القانونية والديمقراطية أن هناك منظمات تأخذ تمويلا مباشرا, وهناك منظمات تعمل تحت مظلة منظمات أخرى, وهناك حوالي 10 ملايين يورو رصدها الاتحاد الأوروبي من الممكن أن يعطي منظمة 9 ملايين يورو, ويقوم بتوزيع المليون الأخرى على باقي المنظمات, وهناك منظمات تتهافت على التمويل بهدف الحصول على الأموال وليس من أجل نشر الديمقراطية, كما أن التهافت وتبادل الاتهامات فيما بين هذه المنظمات أمام الجهات الأجنبية المانحة,يؤكد أن المسألة أصبحت مسألة مصالح بدلا من كونها عملا تطوعيا يهدف إلى نشر الديمقراطية, لكنهم حولوها إلى سبوبة بالأخبار المغلوطة والشكاوى في وسائل الإعلام المختلفة, علما بأن المنح الخارجية قد تتجاوز عشرات الملايين من الدولارات ويصعب حصرها لأن المعونة الأمريكية تعطي, وكذلك الاتحاد الأوروبي,وبعض المنظمات الأهلية الخارجية,ومنظمات مصرية أيضا, حتى أنه يوجد بنك في بنجلاديش يقوم أيضا بتمويل مراقبة الانتخابات في مصر, ولذلك يصعب تحديد الرقم بدقة!!

وبدأ موسم طوائف المستفيدين من لعبة الدعاية الانتخابية, وأشهرهم الخطاطون, وتجار الأقمشة, وأصحاب مكاتب الدعاية والإعلان, وأصحاب المطابع, ومحلات الفراشة, وسماسرة الانتخابات والبلطجية, ومنظمات المجتمع المدني التي تتلقى الملايين من الدولارات لمراقبة الانتخابات, والجزارون, والمطربون الشعبيون, والشعراء المغمورين, ومكاتب الكمبيوتر, و الهتيفة , وكثير من المهن التي يرتبط عملها بموسم الانتخابات الذي ينتظرونه كل خمس سنوات في ظل الانفاق المالي المبالغ فيه من قبل المرشحين خاصة بعد دخول العديد من رجال الأعمال بكل ثقلهم في هذه الانتخابات !!

وكشف اللواء رفعت عبد الحميد خبير العلوم الجنائية في دراسة أمنية عن ارتفاع مقابل إيجار السيدات اللاتي يتم الاستعانة بهن والأسعار موحدة والدفع فوري, ويتم الدفع لبعضهن بالدولار, ويتمسك البلطجية من الرجال بأسعار انتخابات ,2005 والحجز مقدما والأسعار شاملة الحبس الاحتياطي والعلاج بالمستشفيات, والدفع بالدولار من المرشحات ضمن كوتا المرأة وسيدات المجتمع الأثرياء, وأن هناك أسعارا خاصة وتخفيضات هائلة للوزراء الحاليين والسابقين والحزب الوطني الحاكم, وترتفع الأسعار لرجال الأعمال المرشحين لأول مرة, وبالدولار لمن سبق له دخول البرلمان, أما أسعار أحزاب المعارضة والمستقلين فتصل ثلاثة أضعاف

الأسعار الخاصة بمرشحي الحزب الوطني, وخمسة أضعاف للجماعات المحظورة مثل الإخوان , وأن مهام بلطجية الانتخابات كثيرة ومتعددة تبدأ بتمزيق لافتات الخصوم والمرشحين المنافسين, وإفساد الاجتماعات والمؤتمرات الانتخابية بإثارة الذعر في المنطقة, والتشويش على المرشح ومقاطعته أثناء إلقاء كلمته, أو إحراجه وتشويه صورته أمام أبناء دائرته.. وتقول الدراسة الأمنية ان مهامهم لا تقتصر على ذلك فحسب, لكنهم ينفذون التعليمات التي تلقوها من مستأجرهم المرشح المنافس بكل حذافيرها, فيقومون بترويع وتخويف أنصار المرشحين المنافسين, وأحيانا يتفاقم دورهم بمحاولتهم التعدي على المرشح المنافس نفسه بالضرب أو الاعتداء على أنصاره بعد افتعال المشاجرات التي تنتهي بإفساد المؤتمر الانتخابي.. ويوم الانتخابات حيث يحصل هؤلاء البلطجية على مبالغ أكثر يحاولون إفساد العملية الانتخابية بالاعتداء على المقار الانتخابية لترويع الناخبين.. وتضمنت الدراسة الأمنية شهادة أحد سماسرة الانتخابات,بأن طبيعة عمله هي شراء أصوات للمرشحين بعد الاتفاق مع المرشح أو أحد أعوانه, ويبدأ سعر الصوت من 100 جنيه ويصل أحيانا إلى 200 جنيه قبل غلق صناديق الاقتراع, كما أن الأسعار في المناطق الشعبية تبدأ بـ 100 وتصل 600 أو 800 جنيه, وفي الأحياء الراقية يصل إلى 1000 جنيه لو المرشحين رجال أعمال!!

ودخل ساحة سماسرة الانتخابات عدد من المطربين الشعبيين لمؤازرة بعض المرشحين, من خلال مجموعة من الأغاني ذات الطابع الدعائي, بغرض الترويج لهم في أوساط الناخبين خلال الحملة الدعائية, وهو التقليد الذي ابتدعه المطرب شعبان عبد الرحيم في انتخابات 2005 عندما قام بالدعاية للدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية, وقد أنتج شعبولا أغنية خصيصا مجاملة لصديقه الوزير المرشح عن دائرة المعهد الفني بشبرا الخيمة وهي من كلماته وألحانه, يحث فيها الناخبين على التصويت له.. كما قرر المطرب سعد الصغير هو الآخر خوض مجال الدعاية الانتخابية حيث قام بإنتاج أغنية للدعاية لمرشح الحزب الوطني عن دائرة بولاق أبو العلا.. وفي دائرة قصر النيل, قام المطرب عماد بعرور صاحب أغنية العنب بتسجيل أغنية للنائب مصطفى خليل مرشح الوطني عن الدائرة!!

ومع تمسك الحزب الوطني الحاكم برفض الرقابة الخارجية, فإن جماعة الإخوان المسلمين تتمسك بشعار دعايتها الانتخابية (الإسلام هو الحل) وقد أضافت إلى الشعار (حرية.. عدالة.. تنمية.. ريادة) وكانت محكمة القضاء الإداري قد أجازت استخدام هذا الشعار في سياقه السياسي دون أن يقصد به الاعتداء على أديان أخرى.. ويقول المستشار عادل فرغلي الرئيس السابق لمحاكم القضاء الإداري إن شعار الإسلام هو الحل الذي تستخدمه جماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات يتوافق مع قانون مباشرة الحقوق السياسية, وليس محظورا في سياقه السياسي المتعارف عليه الذي تستخدمه الجماعة. وأن الشعار يكون محظورا بقوة القانون إذا كان المقصود منه أن اعتناق الدين الإسلامي هو الحل في مواجهة أديان أخرى, لأنه يتصادم في هذه الحالة مع مبادئ حرية العقيدة والمواد التي تحظر الممارسة السياسية على أسس دينية, لكن استخدام الشعار لن يكون محظورا إذا قصد به الإسلام كنظام للحياة يمس الواقع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي, يحاول من يؤمنون به في هذه الصورة إقناع المواطنين بالحل الإسلامي للمشاكل المختلفة في مواجهة من يرفعون شعارات سياسية أخرى, ومن الوارد أن يرفض المواطنون هذا الطرح السياسي.