سيناريوهات البرلمان المصري بين موافقة نواب الوطني ورفض البرلمان الشعبي


عماد نصيف
19 ديسمبر ٢٠١٠

* "جورج اسحق": غرض البرلمان الحالي تمرير الانتخابات الرئاسية القادمة.
* "ممدوح رمزي": البرلمان لن يناقش أيًا من الموضوعات أو القوانين التي تخالف الحكومة.
* "شادي طلعت": الشعب سيدفع ثمنًا باهظًا من أجل وصول الديكتاتوريين إلى الحكم.

تحقيق: عماد نصيف

وصلت ردود الأفعال الغاضبة من جراء الانتخابات البرلمانية الأخيرة ذروتها من جانب قوى المعارضة السياسية المختلفة، والتي صبَّت غضبها على البرلمان والحزب الوطني الذى حصد مقاعد الأغلبية في مجلس الشعب، حيث اتَّهمت قوى المعارضة الحزب الوطني بتزوير الانتخابات لصالح نوابه، لتمر الانتخابات الرئاسية القادمة بلا مشاكل. ولم تقف قوى المعارضة عند هذا الحد، بل قرَّرت إنشاء برلمان موازي للبرلمان المزوَّر- كما أطلقوا عليه.

ولم يلتزم نواب الوطني الصمت حيال هذه الاتهامات أو الاجراءات، بل صبَّوا هم أيضًا غضبهم على المعارضة، متهمين إياهم بالفشل والإفلاس السياسي. ووسط هذه الإتهامات، أردنا أن نتعرَّف على شكل البرلمان المصري في دورته الجديدة، ومدى جدوى البرلمان الشعبي أو الموازي من خلال هذا التحقيق:

برلمان أشبه بـ"المونولوج"
بدايةً، قال "جورج اسحق"- عضو اللجنة التأسيسية للبرلمان الشعبي الموازي: إنه لا يتوقَّع أن يكون للبرلمان الحالي أي وجهات نظر، وإنما وجهة نظر أحادية، ولذا فإنه لن يستمر طويلاً. مشيرًا إلى أن الغرض منه هو تمرير الانتخابات الرئاسية كما يريدها النظام الحاكم، حيث لا يُعقَل أن يستمر مجلس مزوَّر، يوجد ما يزيد عن ألف طعن مقدَّم ضده. موضحًا أن هذا البرلمان أشبه بـ"المونولوج"، تتحدث فيه الحكومة؛ نتيجة لعدم وجود معارضة، وأن كل ما سيحدث هو الموافقة على أي شىء دون نقاش.

الحل يكمن في البرلمان الموازي
ورأى "اسحق" أن الحل يكمن في البرلمان الشعبي أو الموازي، موضحًا أن فكرة البرلمان الشعبي ظهرت بمشاركة كافة القوى والتيارات السياسية المختلفة- مثل الإخوان وكفاية والوفد والجبهة والحملة الوطنية للتغيير، وغيرها من القوى الأخرى- وقال: إن هناك نقاشًا مركزًا للوقوف على مشروع واحد فقط والإجماع عليه؛ لخلق الوعي بما يحدث في برلمان التزوير، على حد تعبيره؛ وحتى لا نترك الساحة لهم للعبث بمقدرات الوطن.

عدم وجود رقابة
واتفق النائب البرلماني السابق "محمد العمدة" مع هذه الأطروحة، مؤكدًا أن البرلمان المزوَّر سيبقى ذو وجهة نظر واحدة؛ حيث أن أغلبيته حزب وطني. مشيرًا إلى أن المستقلين أيضًا أعضاء في الحزب الوطني، وأن عدد الباقين من المعارضة تم إنجاحهم بمعرفة "الوطني" أيضًا. مدللاً على ذلك بفوز د. "فتحي سرور" بمقعد رئيس المجلس بنتيجة (505) صوت من أصل (506)، مما يعني أنه لا ينتظر أن يكون هناك دور رقابي أو تشريعي من قبل هؤلاء الأعضاء رجال الأعمال وضباط الشرطة.

برلمان لا يعبّر عن إرادة الجماهير
وأضاف "العمدة": إنه نتيجة للمعطيات السابقة، كان لابد أن يكون هناك من يعبِّر عن إرادة الجماهير الحقيقية والصحيحة في جميع الدوائر، ولذا ظهرت فكرة البرلمان الشعبي أو المواز للبرلمان؛ حفاظًا على إرادة مجموعة النوَّاب الذين نجحوا في انتخابات 2005 بإرادة شعبية حقيقية، وقاموا بدورهم بما يتَّفق مع مصالح الوطن ومصالح دوائرهم، وأصبحت لهم مكانة لدى الشعب المصري بأكمله؛ نتيجة لتبنيهم قضايا وطنية تهم "مصر" بأكملها وليس دائرة واحدة. موضحًا أن هناك رغبة من هؤلاء النواب للاستمرار في فضح الفساد الإداري أو التشريعي الذي تقوم به حكومات الحزب الوطني، وهو ما جعل الفكرة تحظى بقبول شعبي جعل الإعلام يهتم بالبرلمان الشعبي الموازي أكثر من البرلمان المزوَّر، على حد قوله.

برلمان شكلي
ورأى "ممدوح رمزي"- المحامي، والناشط السياسي المعروف- أن هذا البرلمان لن يناقش أيًا من الموضوعات أو القوانين التي تخالف الحكومة أو الحزب الوطني ورجال أعماله، وأنه لن يتم عرض قوانين هامة من أساسه، وإنما القوانين التي يُراد تمريرها دون ضجة أو معارضة؛ كما أن هدفه تمرير انتخابات الرئاسة في العام المقبل. مؤكدًا أن البرلمان الحالي هو برلمان شكلي يفتقد أهم عناصره وهي اختيار الجماهير لنوابها.

وعن النوَّاب الأقباط وما يمكن أن يقدِّموه من قوانين يحتاجها الأقباط، قال "رمزي": "إنه لا وجود للنوَّاب الأقباط في هذا المجلس؛ بل هناك عشرة نواب يدينون بالفضل للحزب الوطني؛ سواء لترشيحهم وإنجاحهم في الانتخابات، أو لتعيينهم من قبل الرئيس مبارك، ولذا فإنهم يشعرون بالاحتياج لرد الجميل من خلال عدم المعارضة على أي شىء أو قرار ضد الحزب الوطني أو حتى مجرد التفكير في طرح قضية تهم الأقباط أو قانون يحتاجونه". موضحًا أنه ليس من المنتظَر أن يكون هناك صوت للأقباط أو غيرهم داخل المجلس غير الدستوري.

ضحايا البرلمان
وأشار "شادي طلعت"- رئيس اتحاد المحامين الليبراليين- إلى أن النظام قد اختار طريقًا غير مشروع للوصول إلى كرسي الرئاسة عام 2011، بدايته التزوير في انتخابات مجلس الشعب!! مؤكدًا أن هذا البرلمان سيكون ضحاياه أكثر، وفي ظله ستُنتهك حقوق الأقليات، وسيزاد الفقر على الشعب، وينتشر الفساد. مضيفًا أن الشعب سيدفع ثمنًا باهظًا من أجل وصول الديكتاتوريين إلى الحكم، لن يقل عن الثمن الذي دفعه الشعب الصربي من قبل عام 2000.

صورة قاتمة السواد
وأوضح "طلعت" أن الشعب المصري كان لديه بصيص من الأمل في ظل وجود معارضة محدودة من قبل في مجلس الشعب، أما الآن وبعد أن قرَّر الديكتاتوريون اختيار معارضيهم، فإنه رأى أن الصورة الآن أصبحت قاتمة السواد. مؤكدًا أن الحل يكمن في نهاية أفعال الديكتاتوريين بـ"مصر"، والتي انتهت بتزوير انتخابات مجلس الشعب، مشيرًا إلى أن هذا التزوير قضى على رموز المعارضة، وأصبح من الصعب عليهم أن يقوموا من جديد.

وأنهى "طلعت" حديثه موضحًا ضرورة البحث عن حل في ظل الوضع المؤسف الراهن، كما شكر كافة رموز المعارضة على ما قدَّموه من كفاح أدَّى إلى فتح باب الحرية. مؤكدًا ضرورة أن يخرج جيل آخر جديد يستطيع فتح باب الديمقراطية. وقال: لكي ينجح الجيل القادم في مهمته، لابد أن يتعلم من أخطاء الجيل الذي سبقه، ولابد أن يكون العمل منظمًا ومرتَّبًا، وأن تكون خططه منهجية علمية تقييمية.